السبت، 4 أبريل 2009

الحياة السياسية في اليمن.. قراءة أولية

محمد عبد العاطي
واقع الحياة السياسية في اليمن تشخصه معطيات أساسية من بينها صعوبة التداول السلمي على السلطة وافتقاد التوازن بين سلطات الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية فضلا عن هشاشة مؤسسات المجتمع المدني وقلة تأثيرها في الدفع بعمليات الإصلاح السياسي خطوات للأمام.
الحياة الحزبية
الحياة الحزبية الانتخابات التداول العلاقة بين السلطات الحريات المجتمع المدني
في اليمن 22 حزبا، أهمها ثلاثة هي:
المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم).
التجمع اليمني للإصلاح.
الحزب الاشتراكي اليمني.
والبقية أحزاب ضعيفة التأثير.
وقد بدأت التعددية الحزبية في اليمن مع إعادة تحقيق الوحدة بين شطري اليمن والإعلان عن قيام الجمهورية اليمنية (الموحدة) في 22 مايو/أيار 1990.
الإطار القانوني والتشريعينظم التعدد الحزبي في اليمن قانون الأحزاب رقم 66 الصادر في أكتوبر/تشرين الأول 1991 وفي القلب منه المادة 13 القاضية بتشكيل لجنة تسمى "لجنة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية التي من مهامها:
فحص الطلبات المقدمة لتأسيس الأحزاب والتنظيمات السياسية.
التحقق من توافر الشروط القانونية الواجبة لإنشاء كل حزب.
وقد صدر القانون السابق في إطار سعي دولة الوحدة لإحداث توازن بين القوى السياسية ولم شمل الفرقاء السياسيين وإيجاد بيئة صحية مهيأة لنمو الوحدة وقطف ثمارها، فجاء القانون السابق ملبيا لطموح الكثير من القوى السياسية.

وهناك حديث عن اعتزام الحكومة التقدم لمجلس النواب بطلب تعديل بعض بنود القانون السابق وبخاصة ما يتعلق منه بـ:
سحب ترخيص أي حزب أو تنظيم سياسي لم يحصل على ما نسبته 1% من أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية والمحلية.
إلغاء ترخيص أي حزب لم يشارك في الانتخابات النيابية والمحلية لدورتين.
وتلقى هذه الأطروحات معارضة كبيرة من الأحزاب السياسية اليمنية التي تصر على أن أي تعديل يلحق بقانون الأحزاب ينبغي أن يتم بالتحاور مع الأحزاب القائمة وأن لا ينفرد به الحزب الحاكم أو حكومته.
طبيعة العلاقة بين الأحزاب
والعلاقة بين الأحزاب في اليمن مؤسسة على المصالح أكثر من التقارب الفكري، وهو ما يجعلها سلاح ذو حدين، فأحيانا يكون في صالح عملية الإصلاح السياسي وذلك إذا ما تم التنسيق بينها بفاعلية كما حدث في أكثر من مناسبة.
وأحيانا أخرى يكون معطلا للإصلاح وذلك بكثرة تغيير الولاءات والتحالفات مما يؤثر بالسلب على عامل الثقة المطلوب بين قيادات تلك الأحزاب وينعكس على كفاءتها في تحقيق أهدافها السياسية.
"أهم معوق لتطور الحياة الحزبية في اليمن يتمثل في رأي المعارضة ودعاة الإصلاح السياسي في جمع رئيس الجمهورية بين منصبي الرئاسة وزعامة الحزب الحاكم واستغلال موارد الدولة وقدراتها لصالح مرشحي حزب الرئيس
"
ففي عام 2002 قام تحالف بين بعض الأحزاب المهمة أطلق عليه "أحزاب اللقاء المشترك" بهدف التنسيق فيما بينها "لتقليل هيمنة حزب المؤتمر الشعبي على السلطة والاستعداد للانتخابات البرلمانية التي ستجرى في العام التالي (2003)".
وكان من أبرز المشاركين في هذا اللقاء التجمع اليمني للإصلاح ذي التوجه الإسلامي والحزب الاشتراكي. وقد نحّى الحزبان خلافاتهما التاريخية الفكرية والسياسية جانبا التي كانت وصلت إلى حد الاقتتال في الحرب التي اندلعت عام 1994 وساند فيها حزب الإصلاح الرئيس علي عبد الله صالح.
وظهر أثر وفعالية ذلك التحالف في دعم مرشح أحزاب اللقاء المشترك( تكتل المعارضة الرئيسة ويضم تجمع الإصلاح، الحزب الاشتراكي، حزب الحق، التنظيم الوحدوي الناصري، واتحاد القوى الشعبية) فيصل بن شملان الذي نافس الرئيس علي عبد الله صالح في انتخابات الرئاسة التي جرت عام 2006، وحصل بفضل ذلك الدعم على 21% من الأصوات، حسب بيانات اللجنة العليا للانتخابات، التي شككت المعارضة في نزاهتها.

لكن وبشكل عام فإن الكفاءة والقوة التي تؤهل تكتل أحزاب المعارضة (اللقاء المشترك) لتحقيق هدفه المتمثل في تقليل هيمنة الحزب الحاكم على الحياة السياسية تعترضه عراقيل كثيرة أهمها:
ضعف إمكانات وقدرات تلك الأحزاب مقارنة بإمكانات وموارد حزب المؤتمر الشعبي الحاكم.
دعم أجهزة الدولة مرشحي حزب المؤتمر كما توثق ذلك العديد من منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية.
ومن غير المتوقع أن لا تتغير هذه المعادلة طالما بقي رئيس الجمهورية رئيسا للحزب الحاكم.
الانتخابات
الحياة الحزبية الانتخابات التداول العلاقة بين السلطات الحريات المجتمع المدني
العملية الانتخابية في اليمن لها خصوصية نابعة من طبيعة المجتمع اليمني نفسه وتركيبة نظامه السياسي.
القانون المنظمينظم الانتخابات في اليمن قانون يسمى قانون الانتخابات والاستفتاء رقم 13 لسنة 2001 ويلحق به التعديلات التي أدخلت على مواده عامي 2005 و 2006 خاصة ما يتعلق منها بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات والصادر بشأنها قانون من مجلس النواب يحمل رقم (26) لسنة 2006 الذي تعدلت بموجبه الفقرة (أ) المتعلقة بطريقة تشكيل هذه اللجنة.
ويتيح هذا القانون لكل يمني بلغ 18 عاما الإدلاء بصوته، كما يمكن الناخب المقيد اسمه في جداول الانتخابات من الإدلاء بصوته في لجنة الاقتراع التي تقع ضمن محل إقامته، وغير ذلك من بنود أخرى كثيرة.
وفيما يتعلق بتشكيل اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات فإنها -وفقا للتعديل سابق الذكر- تصدر بقرار من رئيس الجمهورية الذي خوله القانون تشكيلها وذلك باختياره 7 أعضاء من قائمة تضم 15 اسما يرشحهم مجلس النواب.

ولما كان حزب المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم) يسيطر على 75% من مقاعد البرلمان البالغ عددها 301 مقعدا فإن القائمة التي يرشحها رئيس الجمهورية كثيرا ما تقابل بلغط كبير في الشارع السياسي اليمني لا سيما داخل أوساط المعارضة.
والسبب الجوهري في هذه المعارضة يكمن في أنه لا يجوز -كما يرى المعارضون- أن يختار رئيس حزب منافس أعضاء اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات حتى ولو كان رئيس هذا الحزب هو رئيس الجمهورية نفسه.
ولذلك فإن الأحزاب السياسية في الحكم والمعارضة تصر منذ تشكل أول لجنة للانتخابات عام 1993م أن ضمان استقلاليتها يكون بمشاركة جميع الأحزاب الفاعلة في هذه اللجنة، وعلى هذا الأساس جرت ثلاث دورات انتخابية برلمانية ودورتين انتخابية لكل من الرئاسية والمحلية.
إلا أن حزب المؤتمر الشعبي الحاكم وفي إطار محاولته الاستئثار بتشكيل لجنة الانتخابات تقدم في نوفمبر 2007 بمشروع تعديلات لقانون الانتخابات وتم عرضه على البرلمان وسط رفض أحزاب المعارضة، وبموجب هذه التعديلات سيتم تشكيل لجنة الانتخابات من سبعة قضاة يختارهم رئيس الجمهورية، خلافا لتشكلها من شخصيات حزبية من الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة.

بيئة الانتخاباتوفي العموم لا يوجد إلى حد كبير في اليمن تزوير للانتخابات بالمعنى التقليدي والمتعارف عليه لكلمة تزوير، أي أنه لا يحدث أن يأتي أشخاص تابعون للحزب الحاكم -على سبيل المثال- ويؤشرون على كلمة نعم أمام اسم المرشح التابع لهم، أو أن يتم استبدال صناديق الاقتراع بصناديق معدة سلفا ومملوءة ببطاقات تصويت لصالح الحزب، أو ما شابه ذلك من طرق التزوير المعروفة في بعض البلدان العربية الأخرى.
لكن لا يعني هذا أن أمور الانتخابات في اليمن تتم وفقا للمعايير الديمقراطية الدولية المعروفة أو أنها ملتزمة بكامل النزاهة والحيادية.

فالانتخابات اليمنية تجرى في بيئة يغلب عليها الطابع القبلي وتتدخل الدولة بمؤسساتها الأمنية والإدارية والإعلامية -على حد قول دعاة الإصلاح وتقارير منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية- في تلك الانتخابات لجعل الكفة تميل لصالح مرشحي حزب المؤتمر الشعبي الحاكم.
وكان بعض نتائج ذلك تصاعد معدلات فوز المؤتمر بمقاعد مجلس النواب في الانتخابات التشريعية الثلاث التي شهدتها البلاد منذ 1993 حتى 2003 على النحو التالي:
نتائج حزب المؤتمر في الانتخابات
الانتخابات
عدد المقاعد
النسبة المئوية
1993
124
41%
1997
223
74%
2003
226
75%
التداول
الحياة الحزبية الانتخابات التداول العلاقة بين السلطات الحريات المجتمع المدني
التداول على السلطة في اليمن مكفول قانونا ودستورا ولا توجد عوائق أمام أي يمني تنطبق عليه الشروط للوصول إلى منصب الرئاسة، لكن الأمر لا تحدده فقط النصوص والتشريعات القانونية، فللمسألة أبعاد أخرى.
التداول من منظور قانوني
"يعرقل تداول السلطة في اليمن الخلل في الإمكانات بين تلك المرصودة لإنجاح مرشح الحزب الحاكم لرئاسة الدولة وهي إمكانات دولة وبين إمكانات أي مرشح مستقل أو مدعوم من قبل المعارضة
"من الناحية القانونية لا يوجد مانع أمام أي يمني من أن يكون رئيسا للجمهورية إذا انطبقت عليه شروط المادة 107 من الدستور الخاصة بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية. لكن الأمور على أرض الواقع تأخذ مسارا مختلفا عن هذا التنظيم الدستوري.
فالرئيس الحالي علي عبد الله صالح في منصبه منذ 30 عاما (منذ 1990 رئيسا لليمن الموحد ومنذ 1978 رئيسا للجمهورية العربية اليمنية التي كانت تعرف باليمن الشمالي) ومن المقرر وفقا للمادتين 112 و 161 أن تنتهي فترة رئاسته عام 2013، فإذا انتهت تلك الفترة بسلام يكون عدد السنوات التي قضاها في سدة الحكم 35 سنة.

صعوبة تحقيق التداولفي يوليو/ تموز 2005 أعلن الرئيس علي عبد الله صالح أنه لن يرشح نفسه للانتخابات الرئاسية القادمة لكي "يؤسس لتداول سلمي على السلطة"، لكنه عاد في يونيو/حزيران 2006 وغير رأيه مبررا ذلك باستجابته لإرادة الجماهير.
والعلة في صعوبة تحقيق تداول سلمي على السلطة في اليمن لا تكمن في النصوص الدستورية والقانونية وإنما في بنية النظام السياسي اليمني التي تتيح لرئيس الجمهورية أن يكون في الوقت نفسه رئيسا لأحد الأحزاب العاملة في الساحة السياسية.
وهنا يحدث الخلل إذ أن المنافسة لن تكون بين أحزاب متكافئة أو مرشحين مستقلين يقفون على قدم المساواة وإنما بين مرشح حزب على منصب الرئيس تسانده دولة بكل إمكاناتها، وبين مرشح آخر إما أن يتقدم للترشيح مستقلا أو أن حزبا أو تكتلا حزبيا يقف خلفه بإمكاناته المتواضعة إذا ما قيست بإمكانات وقدرات الدولة.

العلاقة بين السلطات
الحياة الحزبية الانتخابات التداول العلاقة بين السلطات الحريات المجتمع المدني
سلطات الدولة اليمنية الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية متوازنة ومحددة الاختصاصات في بنود الدستور، لكن رؤية الصورة بعيدا عن النصوص وكما هي على أرض الواقع مختلفة.
حدد الدستور اليمني مهام واختصاصات سلطات الدولة الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية، والذي يقرأ بنود هذا الدستور (149، 150، 151، 152، 153، 154) يلحظ توازنا بين هذه السلطات ومكانة مميزة للسلطة القضائية.
العلاقة بين السلطة التنفيذية والقضائيةحيث ينص الدستور على أن يكون للقضاء مجلسا أعلى ينظم القانون اختصاصاته وطريقة ترشيح وتعيين أعضائه، ويعمل على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة من حيث التعيين والترقية والفصل والعزل وفقا للقانون، ويتولى المجلس دراسة وإقرار مشروع موازنة القضاء، تمهيدا لإدراجها رقما واحدا في الموازنة العامة للدولة.

"
التحايل على مواد الدستور التي هي من الناحية النظرية كافلة للتوازن بين السلطات يتم عن طريق التحكم فيمن يدخل البرلمان وذلك بوقوف الدولة والحزب الحاكم خلفه حتى تضمن تسيير القوانين التي تريدها السلطة التنفيذية دون عراقيل برلمانية"
وينص الدستور كذلك على أن المحكمة العليا للجمهورية هي أعلى هيئة قضائية، وأن القانون هو الذي يحدد كيفية تشكيلها ويبين اختصاصاتها والإجراءات التي تتبع أمامها.
ولا ينص الدستور -شأن دساتير بعض الدول العربية- على أن رئيس الجمهورية هو رئيس مجلس القضاء الأعلى أو أن له سلطة تلغي سلطات المحكمة العليا أو تحد من سلطات البرلمان.
العلاقة بين السلطة التنفيذية والتشريعيةأما عن العلاقة بين السلطة التنفيذية والتشريعية فقد حدد الدستور اختصاصات رئيس الجمهورية ومنها:
تكليف من يشكل الحكومة وإصدار القرار الجمهوري بتسمية أعضائها.
تعيين وعزل كبار موظفي الدولة من المدنيين والعسكريين وفقـا للقانون.
إعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة وفق للقانون.
الدعوة إلى انتخابات برلمانية وإلى إجراء استفتاء عام.
تشكيل مجلس الدفاع الوطني.
إصدار القوانين التي وافق عليها مجلس النواب ونشرها وإصدار القرارات المنفذة لها.
وألغت التعديلات الدستورية عام 2001 حق رئيس الجمهورية في أن يمارس الحكم بالمراسيم عندما يكون البرلمان في إجازة.
وقيد الدستور صلاحيات رئيس الجمهورية في رفض القوانين الصادرة عن البرلمان فنص في المادة 102 على أنه: لرئيس الجمهورية حق طلب إعادة النظر في أي مشروع قانون أقره مجلس النواب ، ويجب عليه حينئذ أن يعيده إلى مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ رفعه إليه بقرار مسبب، فإذا لم يرده إلى المجلس خلال هذه المدة أو ردّ إليه وأقره ثانية بأغلبية مجموع أعضائه اعتبر قانونا وعلى رئيس الجمهورية إصداره خلال أسبوعين، فإذا لم يصدره اعتبر صادرا بقوة الدستور دون حاجة إلى إصدار، وينشر في الجريدة الرسمية فورا ويعمل به بعد أسبوعين من تاريخ النشر.

وكفل الدستور كذلك للبرلمان حق اتهام وإحالة رئيس الجمهورية للمحاكمة وذلك (الاتهام) بناء على طلب من نصف أعضاء مجلس النواب، أما قرار إحالته إلى المحاكمة أمام المحكمة العليا فيتطلب أغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب.
والسبب في هذا التوزان بين السلطة التنفيذية والتشريعية مرجعه إلى حالة التوازن السياسي بين الحزبين الحاكمين لشطري اليمن قبل الوحدة وبعدها(الحزب الاشتراكي بالجنوب، وحزب المؤتمر الشعبي في الشمال) إبان إقرار هذا الدستور، ولمشاركة تيارات كثيرة في المجتمع اليمني وبالأخص التيار الإسلامي في صياغة بنوده وإقراره.
الواقع المعاشلكن ليس معنى هذا أن اليمن يعيش حالة فريدة من الديمقراطية ويتمتع بفصل كامل بين السلطات كما توحي للوهلة الأولى قراءة النصوص الدستورية.

"صلاحيات السلطة التشريعية يتم التحايل عليها باستغلال إمكانات الدولة في الانتخابات والوقوف بجانب مرشحي فصيل سياسي معين على حساب الفصائل الأخرى وتكون النتيجة إفراغ وظيفة البرلمان كرقيب شعبي على أداء السلطة التنفيذية من مضمونها
"
فالصلاحيات الدستورية الممنوحة للسلطة التشريعية يتم التحايل عليها -كما ترصد منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية وكما يقول دعاة الإصلاح السياسي- عن طريق السيطرة على مجلس النواب (السلطة التشريعية) من باب الانتخابات.
فالدولة -والكلام دوما للمنظمات الحقوقية وللمعارضة- تقف بجانب مرشح المؤتمر الشعبي على حساب مرشحي الأحزاب الأخرى فيكون لأعضاء المؤتمر الغلبة على مجلس النواب (آخر انتخابات فازوا بـ 75% من عدد المقاعد) ويتمكنون بذلك من إفراغ البرلمان من وظيفته كرقيب على أداء السلطة التنفيذية.
والحال نفسه ينطبق على علاقة السلطة التنفيذية بالقضائية، فالأمور ليست وردية كما يصورها الدستور وينظمها القانون.
فالكثير من القضاة اليمنيين يطالبون بإلغاء وزارة العدل التي هي جزء من السلطة التنفيذية لأنها على حد قولهم تتدخل ماليا وإداريا في بعض أعمال القضاء بما يجرح العدالة والنزاهة المطلوبين في عملية التقاضي.
كما يطالبون بزيادة الميزانية المرصودة للقضاء والتي لا تزيد عن 1% من ميزانية الدولة لكي يتمكن جهاز القضاء من أداء دوره بالكفاءة المطلوبة.

الحريات
الحياة الحزبية الانتخابات التداول العلاقة بين السلطات الحريات المجتمع المدني
من الناحية النظرية يتوافر في اليمن مجموعة من التشريعات والقوانين التي توفر بيئة مناسبة للحريات العامة، فبحكم الدستور (مواد 48، 49، 51، 53) لا يجوز اعتقال شخص أو حبسه إلا بقانون، كما أن عمليات التعذيب في أقسام الشرطة والمعتقلات مجرمة، وحقوق الأفراد في حرمة منازلهم وممتلكاتهم واتصالاتهم مصانة، وحقهم في التظاهر والاعتصام والرأي والتعبير مكفولة.
لكن على أرض الواقع يتم خرق بعض هذه المواد وانتهاك تلك الحقوق بطرق وأساليب متعددة.
فالدستور -مثلا- كفل حرية الرأي والتعبير ونص على أن ينظم ذلك قانون، وهنا فتح الباب أمام البرلمان (ثلاثة أرباع مقاعده يسيطر عليها حزب المؤتمر الشعبي الحاكم الذي يشكل الحكومة) ليتدخل في تنظيم تلك الحرية أو هذا الحق.

وإلى الآن تحتكر الدولة اليمنية محطات الإذاعة والتلفزيون. أما الصحافة فإن القانون الصادر عام 1990 ينظم أمورها، غير أن كثيرا من الإعلاميين يطالبون بإدخال تعديلات عليه تأخذ في عين الاعتبار:
أن يكون القضاء وحده وليس أي جهة أمنية أو سياسية أو إدارية أخرى المرجعية الوحيدة في البت بقضايا النشر.
منع حبس الصحفيين احتياطيا أو سجنهم أو إغلاق الصحيفة التي يعملون فيها كعقوبة على ما ينشرونه من آراء.
أما حرية التظاهر والاعتصام وهما من الحريات العامة المكفولة في معظم دساتير العالم ومنها الدستور اليمني فإن الأمر أيضا تم الالتفات عليه، عندما تمكنت حكومة حزب المؤتمر الشعبي الحاكم من تمرير قانون " تنظيم المظاهرات والمسيرات " رقم 29 للعام 2003 بعد موافقة البرلمان عليه، وهو قانون يمنع إقامة أي فعاليات سياسية من تظاهرات واعتصامات دون الحصول على ترخص مسبق من وزارة الداخلية.

المجتمع المدني
الحياة الحزبية الانتخابات التداول العلاقة بين السلطات الحريات المجتمع المدني
الملاحظة الأساسية في منظمات المجتمع اليمني التي كثر عددها خلال السنوات القليلة الماضية أن هذه الكثرة ملموسة في مجال الخدمات الاجتماعية وقليلة في مجال حقوق الإنسان والتنمية الثقافية.
القوانين المنظمةتنظم عدة قوانين منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية في اليمن هذه القوانين هي:
القانون رقم 1 لعام 2001 الخاص بالجمعيات والمؤسسات.
القانون رقم 66 لعام 1991.
قانون تنظيم المؤسسات الاجتماعية والثقافية والاتحادات والمنتديات والنقابات المهنية والجمعيات الخيرية لعام 1997.
وقد ازدادت في السنوات الأخيرة أعداد المنظمات والجمعيات الأهلية حتى تجاوز عددها الأربعة آلاف.
وسهلت القوانين سالفة الذكر خاصة قانون 66 لعام 1991 إنشاء هذه المنظمات، إذ يكتفي بتقديم طلب تأسيس لوزارة الشؤون الاجتماعية على أن ترد عليه في غضون شهر وإلا اعتبر التأسيس نافذا.
ويلاحظ كثرة هذه المنظمات وتلك الجمعيات -كما سبق القول- في مجالات الرعاية الاجتماعية وقلتها في المجالات المعنية بحقوق الإنسان والتنمية الثقافية.

مشكلات الجمعيات الأهليةوتعاني أغلب المؤسسات الأهلية في اليمن كما يقول الكثير من الباحثين المعنيين بتنظيمات المجتمع المدني من:
ضعف إدارتها وقلة خبرات القائمين عليها وميل الكثير منهم للعمل بطريقة فردية وارتجالية بعيدا عن اللوائح والقوانين الضابطة والمنظمة.
التمحور حول أشخاص الراعين والداعمين لها.
عدم تمكنها من العمل باستقلالية بعيدا عن تأثير الدولة والقبيلة.
الافتقار إلى قاعدة بيانات ومعلومات تعرف بحجم إسهامها ومدى تأثيرها في المجتمع.
وترصد تقارير حقوق الإنسان المحلية والدولية انتهاكات يتعرض لها نشطاء مؤسسات المجتمع المدني، من ذلك ما يتعرض له نشطاء نقابيون وحقوقيون للملاحقة الأمنية والتضييق الاقتصادي كخصم جزء من رواتب المشاركين في تلك الاعتصامات والإضرابات وهو ما يخالف المادة 58 من الدستور.
هذه المعوقات التي تعاني منها تلك المؤسسات تجعل إسهامها في عملية الإصلاح السياسي المطلوب ضعيفا.
ويبقى بعيدا عن هذه العناوين مما يرسم المشهد السياسي في اليمن ويعرقل مسيرة الإصلاح النتائج المترتبة على تردي الأوضاع الاقتصادية والفساد المالي والإداري والصراعات المسلحة التي تتلبس أحيانا بأردية مذهبية مما يجعل من العافية المجتمعية المطلوبة لمواجهة التحديات الحضارية أمرا دونه الصعاب.

نقلاعن مركز الجزيرة للدراسات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق