الأحد، 5 أبريل 2009

الإعلام و السياسة أسئلة العلاقات أو المصالح الممكنة و المستحيلة

بقلم: محسن رزوق
باحث في علم الاجتماع/ القنيطرة
إن الحديث عن وسائل الإعلام هو حديث عن وسائل الاتصال الجماهيري "الصحافة" "الإذاعة" و"التلفزيون".إن وسائل الإعلام أصبحت في انتشار واسع داخل أوساط المجتمع ، وتأثيرها على الملايين من الناس ،وهذا ما يدعوا إلى إدراك حقيقة وماهية وسائل الإعلام التي تنتقل وتتحول بسرعة من الأفكار المكتوبة أو المسموعة إلى قوة مادية تحرك الرأي العام في الوجهة التي تريدها تلك الوسائل. 1
ومن هنا يمكن طرح مجموعة من الأسئلة المشروعة :من يبث هذه المعلومات ؟ وما مضمونها ؟ومن يسيطر على هذه الأجهزة ؟ومن يمتلك هذه الصحيفة أو تلك المحطة ؟
هذه الأسئلة مهمة بالمقارنة مع الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في التطوير ونشر الثقافة عن طريق تقديم مادة إعلامية تحتوي إما على مواد إخبارية ، تعليمية ،ترفيهية أو تنويمية….و هذا راجع إلى اتصالها بشكل مباشر بهموم الناس ومشاكلهم ،ولذلك نرى أن وسائل الإعلام تُسْتَثْمَر في السياسة و الاقتصاد وكذلك في المجال العسكري.لكن ما يهمنا هو علاقة الإعلام بالسياسة ، وما دور وسائل الإعلام في التعريف بالسياسة والسياسي ؟ ولماذا توظف وسائل الإعلام في السياسة ؟ ما غايتها وأهدافها ؟
إذا كانت وسائل الإعلام تلعب دورا في التأثير على الرأي العام من خلال تحديد نمط سلوكه في المجتمع هذا من جهة ، أما من جهة ثانية فإنها في غاية الفعالية من خلال مشاركتها في المعارك السياسية والانتخابية ، فمثلا نجد أن وسائل الاتصال التقليدية التي استخدمت في الحملات الانتخابية كانت تعتمد على زيارة كل بيت وتوزيع الملصقات وعقد الاجتماعات ،أما اليوم فقد أصبحت الانتخابات تعتمد بشكل كبير على وسائل الإعلام باعتبارها طريقة سريعة للوصول إلى الجمهور الانتخابي باستخدام إعلانات الصحف والمجلات والتليفزيون ومواقع الإنترنيت ، فعلى سبيل المثال يمكن للسياسي أن يتواصل مع شريحة عريضة من الناخبين من خلال نشرة تلفزية ( إن افتتاحية مؤيدة أو خبرا في نشرة مسائية يتيح لرجل السياسة أن يتواصل مع ألاف الناس بل مع الملايين لأن كثير من الناخبين أميل إلى الثقة بخبر مجاني عبر وسائل إعلام أكثر بكثير بثقتهم بإعلانات سياسية.2
إن وسائل الإعلام تستعمل في الحملات الانتخابية لكسب دعم الجمهور الانتخابي ، لكن الملاحظ أن الأحزاب السياسية أصبحت توظف تقنية الصورة عوض السياسي وهذا يعبر عن حنكة سياسية و إعلامية ، لأن السياسي أصبح فاقدا للمصداقية والثقة ، إذ أن تقنية الصورة أو الإشهار يمكن أن تقول ما لا يمكن أن يقوله السياسي من إنجازات وبرامج و أهداف الحزب الذي ينتمي إليه .
إن القرن الواحد والعشرين أصبح قرن وسائل الإعلام بامتياز بتعبير أخر أصبح حرب الإعلام ، إذ من أراد أن يفوز في الانتخابات عليه أولا أن يختار وسائل إعلام أفضل وأسرع للوصول إلى الجمهور الانتخابي ، وهنا نجد الحملة الانتخابية لسنة 1998 التي فاز فيها الحزب العمالي (البريطاني) الذي كان يتزعمه طوني بلير ، يقولون أنه فاز في الانتخابات وفقا لبرنامجه الانتخابي لكنه فاز في الانتخابات نظرا لتحالفه مع بارون الإعلام ( روبرت ميردوخ) الذي يملك شركة نيو كوربوغاسيون والتي تملك جريدتين هما " صن" و" تايمز" اللتين يملكان %30مما يوزع من الصحف في بريطانية ، حيث يبلغ عدد قرائهاأربعة ملايين وقد أعلن ميردوخ في عدد من أعداد جريدة "صن" : (أن جريدته تدعم بلير) .3
وبالفعل فاز بلير في الانتخابات ،وكيف لا يفوز وأن جريدة "صن" و"تايمز" تملكان أربعة ملايين من القراء ، وهذا إن دل على شيء، إنما يدل على قوة وسائل الإعلام في التأثير على الرأي العام ، و لا يقف الإعلام هنا بل إنه يتجاوز هذا ليصل إلى تزويد السياسيين بالأدوات وتحليل الاستفتاءات والصور و أخصائيين في الإعلام حيث تقول هيرينا هيرتس (بينما كانت استراتيجية الانتخابات في الماضي يرسمها قادة الحزب أصبحت الآن وبشكل مطرد من رسم محترفي وسائل الإعلام ،وتعتمد على دراسة معمقة تستند إلى مسح تقوم به فرق عمل ).4
Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times NewRoman'">فعلا أصبح الإعلام ذو قوة خارقة في عالم السياسة ومساعدته للفاعلين السياسيين في الانتخابات من قراءة للسوق الانتخابية إلى التأثير على الجمهور الانتخابي .لكن الملاحظ أن هذه الوسائل في الدول العربية (المغرب) تشكل وسائل الإعلام مصدرا ثانويا في عملية الاتصال مع الجمهور الانتخابي بل تعتمد على وسائل أكثر تقليدية وهي في نظر الفاعل السياسي أكثر فعالية من وسائل الإعلام مثل "الزرده"و"العار" أو انتظار من أراد أن يقوم بحفلة Roman','serif'; mso-bidi-font-family: 'Traditional Arabic'; mso-hansi-font-family: 'Times NewRoman'">" Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times NewRoman'">ختان"أو"سبوع" من أجل كسب ود الناخبين ،والنقاش الذي يحضر في هذه المؤتمرات الإعلامية هو كم لديك من صوت ؟ وكم يساوي الصوت ؟
المهم أن الدول العربية لا تستفيد من هذه الوسائل لأنها تحت سيطرة الأنظمة الحاكمة وهنا يطرح مشكل حرية وسائل الإعلام ومصداقيتها .كما علينا أن نؤكد على أن الحرية هي التي تعطي المصداقية ،وأن دور وسائل الإعلام العربية محددة من طرف الأنظمة الحاكمة والتساؤل الذي يطرح نفسه أي إعلام نريد ؟ هل الوسائل التي تخدم مصالح الفرد داخل المجتمع ؟ أم تخدم مصالح الأنظمة الحاكمة….؟
الهوامش :
الصغير بن عمار، "الإعلام والمجتمع" ،مركز الدراسات الإعلامية القاهرة عدد 17يناير مارس 1979ص3.
ـ نورينا هيرتس "السيطرة الصامتة" عالم المعرفة الكويت عدد 336سنة 2006ص120.
ـ نفس المرجع ص 120 ,121.3
ـ نفس المرجع ص 127.4

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق