الأحد، 5 أبريل 2009

الثروة والمعرفة



تلعب الثروة والمعرفة أدوارا مجتمعية متبادلة، إذ يعتبر كل منهما مصدرا للرضاء عن النفس، وأداة للحصول على منزلة مجتمعية مرموقة. وفي الواقع تميل المعرفة إلى تعزيز موقع الثروة في المجتمع، وتميل الثروة إلى تعزيز موقع المعرفة وتبادل الأدوار معها. وتشير المعلومات الاقتصادية الأمريكية إلى أن مساهمة المعرفة في الناتج القومي الأمريكي الإجمالي أصبحت في حدود 85%.

في معظم بلاد العالم، خاصة في المجتمعات المعرفية والصناعية المتقدمة، أصبحت الثروة هي المصدر الأهم للحصول على مكانة مجتمعية مرموقة والحفاظ عليها. وفي المقابل، أصبحت المعرفة، وليس الثروة، هي المصدر الأكثر أهمية والطريق الأقصر والأسرع للحصول على مكانة مجتمعية مرموقة في المجتمعات التي تعيش تحولات اجتماعية عميقة ومعدلات نمو اقتصادية مرتفعة كالصين والهند.

أما في الدول التي تعيش حياة تقليدية تعاني معها من جمود اجتماعي وضعف مؤسسات التعليم وتخلف اقتصادي فإن الثروة تميل إلى إضعاف أهمية المعرفة في المجتمع، وذلك من خلال قيامها بسلب الشخص الثري دافع الاهتمام بالتعليم وتخصيص الوقت الكافي والمال المطلوب للحصول على المعرفة. لكن المعرفة هي الضمانة الوحيدة لاستمرار الثروة وتمكينها من الحفاظ على موقعها المجتمعي. وهذا يعني أنه بدون معرفة، فإن الثروة وما يترتب عليها من مكانة مجتمعية مرموقة تصبح عرضة للتراجع والاضمحلال في المدى الطويل، خاصة أثناء الأزمات المجتمعية ونتيجة للتطورات الدولية السلبية.

من ناحية أخرى، لا يمكن للمعرفة أن تفشل في أداء دورها المجتمعي أو تضعف كثيرا في وجه التطورات السلبية، وذلك لأنها نوعا من الثروة وأداة للحصول على المزيد من الثروة في ذات الوقت. وفي ظل اجتماع الثروة والمعرفة معا، فإن المكانة المجتمعية المرموقة التي يحصل عليها الثري-المعرفي تغدو حقا ثابتا له من الصعب ضياعه. وهذا يعني أنه بدون المعرفة، لا يمكن حصول تقدم مجتمعي حقيقي، ويصبح من الصعب استمرار الثروة بالحفاظ على أهميتها والمكانة المجتمعية التي تترتب عليها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق